Médias

الإعلامية بقناة العربية نوال الصافي: على القنوات الجزائرية التوحد والكفاح لنيل شهادة ميلادها الرسمية

Publié

le

في حوار هذا اليوم سنعرف القراء بصحافية جزائرية هجرت أرض الوطن منذ أكثر من 16 سنة، هي إبنة الجنوب الكبير، عاشقة الأدب العربي والغربي، كانت من ضمن أولى قوافل الصحفيين الذين غادروا التلفزيون العمومي نحو الخليج.

سؤال يطرح نفسه في كل مرة من هي نوال الصافي؟
نوال الصافي، صحفية جزائرية، بدايتها الرسمية مع الإعلام كانت عام 1999، في التلفزيون الجزائري، قبلها كانت لي تجربة قصيرة في محطة ورقلة الجهوية، ولكنها كانت ثرية ومنعطفا مفصليا في انتقالي إلى مبنى شارع الشهداء، أين تدرجت بين العديد من الأقسام على غرار الثقافي، السياسي والدولي .

كنتِ من بين الشابات اللّواتي أكملن دراستهن الجامعية إبان العشرية السوداء، كيف عايشتي تلك المرحلة؟
اتذكر جيدا تلك المرحلة الحرجة التي مرت بها الجزائر، كنت طالبة آنذاك، عايشتها بكل مرارة.. كنا كشهود عيان على محاولة هدم حياة الجزائريين والجزائر، وانتهز هذه الفرصة لأترحم على ضحايا تلك الفترة من الصحفيين الذين قضوا غدرا.
حلم الهجرة كان يراودني منذ طفولتي كنت احلم بالدراسة في أحسن الجامعات العالمية في الأدب والعلوم، وألتقي بالعلماء على غرار « ديكارت، هوبز، سبنسر، وأدباء النهضة العربية من امثال طه حسين، لطفي المنفلوطي، رفاعة الطهطاوي، مصطفى أمين »، وغيرهم وكنت أتوق لتعلم لغات كثيرة و أتقنها مثل إتقاني للغة العربية.

ماذا قدم التلفزيون العمومي لنوال؟
لا أخفيك سرا التلفزيون الوطني كان الفضاء الوحيد لممارسة العمل التلفزيوني في الجزاير وتحين الفرصة يومها للانطلاق كان أشبه بمهمة مستحيلة أمام المنافسة الشرسة بين عشرات الصحفيين، حينها قررت مواصلة العمل في صمت وإتمام دراستي في الماجستير بكلية الإعلام بالعاصمة، وبمجرد أن أنهيت دراسة السنة الأولى والثانية، سافرت إلى لندن بدعوة من مجلس اللوردات البريطاني.. ولكن لم يحالفني الحظ ورجعت إدراجي.
التلفزيون الجزائري كان بمثابة المدرسة الأولى التي أخذت منها مبادئ العمل التلفزيوني، فيه عشقت الصورة قبل الصوت و الكلمة …و منحني كما منحتني الجامعة الجزائرية أسس الصنعة، كان تجربة أثرت مسيرتي لاحقا.


في أي سنة رسّمتي إلتحاقك بقناة العربية؟
بعد أن قضيت سنوات عدة بالتلفزيون العمومي، والذي كما سبق وأن ذكرت تدرجت بين مختلف أقسامه، قررت سنة 2004 تغيير الأجواء والسفر إلى دبي، لأنظم إلى طاقم قناة العربية.

ماذا وجدت الصحفية نوال في قناة العربية ولم تجده في التلفزيون الجزائري؟
التجربتان مختلفتان، التلفزيون الجزائري هو الحنين… له جاذبية خاصة رغم أنني تركته من عقد ونصف ولكنه مازال يسكنني.. أظن أن كل من مر بشارع الشهداء من زملائي الصحفيين يلازمه هذا الشعور..
قد ننظر بنقيصة للتلفزيونات الحكومية، ولكنها تكتسب اليوم إحتراما وحرفية نوعا ما مقارنة بفوضى الفضائيات محليًا وعربيًا، أما تجربة قناة العربية فهي من نوع آخر.. فيها أدركت أن الإعلام صناعة وليس وسيلة فحسب، و أن التحدي في المنافسة الشرس بين جنسيات عدة وثقافات مختلفة سيكون له طعم آخر، وأبرز ما ميز هذه التجربة أني اكتشفت التطور التكنولوجي الحاصل في مجال الاعلام، والعربية تواقة دائما للدخول على البيت العربي بأكثر التقنيات تطورا، وهذا ما ساعدني أكثر على تنظيم أفكاري ومهاراتي وترتيب دفاتر أوراقي على مدى سنواتي التي قضيتها هنا.

ما سر تألق الإعلاميين الجزائريين بالخليج بالرغم من الإنتقادات الموجهة للجامعة الجزائرية؟
ذكرتني بمقولة لأحد استاذتي الكرام، كان يقول لنا دائما الشهادة للجميع والعلم لمن استطاع، الموضوع ليس له علاقة بالتحصيل العلمي.. ربما قد تندهش إذا قلت لك أن 90٪ ممن يعملون بالإعلام ليسوا من خريجي كليات الإعلام، والكثير منهم لا يملك حتى شهادات جامعية، وهذا يعود ربما لإقتداء بعض الدول العربية بسياسات انتهجتها كل من الولايات المتحدة الأمريكية و دول أوروبية، تعتمد فيها على الاستثمار في المواهب وتنمية القدرات المعرفية والثقافية للعنصر البشري وصقلها.
بإختصار الخليج اعتمد سياسة ذكية في فتح المجال أمام جميع جنسيات العالم و استثمر في هذا التنوع و الثراء، وبالتالي ليس الإعلامي الجزائري وحده من يبدع خارج حدود بلده، ويمكن القول أن الصحفي الجزائري نجح في الخليج بالالتزام، الإنضباط في العمل، الحياد، احترامه للآخرين و عدم الزج بنفسه في الأجندات السياسية.

هل ترَيْن بأن الإعلامي الجزائري وبعد رحيل ما يسمى بالعصابة قد تحرر فعلا من المال الفاسد؟
هذا سؤال صعب.. يجب التخلص من بعض الخلفيات و المعتقدات الخاطئة لدى بعض الصحفيين أولا.

وما تقييمك اليوم لما تقدمه القنوات الجزائرية؟
لا يمكنني تقييم هذه القنوات طالما لا تملك سندًا قنونيا يعترف بوجودها، وهذا ما يجعلها غير مستقرة ومهددة بالزوال، بالرغم من وجود محاولات طيبة لإثبات الوجود في زخم هذا الفلك الإعلامي على الأقل محليًا .. ولكني أعلم جيدا أن العين بصيرة واليد قصيرة ، هم يريدون الأفضل أكيد ولكن الإمكانيات لا تفي بذلك .. هنا أنصحهم بالتعامل مع التلفزيون كمؤسسة إعلامية اقتصادية وليس عمومية وعليهم أن لا يفكروا بعقلية السوسيال والإتكال على معونات الدولة او جهات حكومية، نحن نعلم أن مداخيل الإعلانات تتحكم في توزيعها الدولة وعليها تحرير هذا المجال، فلا يمكن أن تدخل الإقتصاد الحر بذهنية اشتراكية.

هل نعتبر أن تحكم الدولة في الإشهارالعمومي هو ما يعيق تقدم مجال السمعي البصري بالجزائر ؟

يجب التخلص من هذا الموروث ومورثاته لأنه سيضر بهذه القنوات كون مداخيلها تعتمد بالدرجة الاولى على الإعلانات وهذا ليس عيبًا بل كل المحطات في العالم قائمة على مداخيل الإعلانات، تحرير هذا المجال (الإعلانات ) سيضخ نفسا جديدا في أي مؤسسة، ولكن قبل ذلك يجب على هذه المؤسسات ان تكافح حتى تنتزع شهادة ميلادها رسميا، وهذا لن يتأتى إلا بالعمل، عليها أن تتناسى المنافسة والخلافات إلى حين عملا بمبدأ عند المصالح نتصالح، حتى لا تصبح لقمة سائغة لأي جهة تحاول اختراقها، كما حصل في عهد النظام السابق، الطموح والحماس ضروريان ولكن بضوابط، بإختصار غياب الإطار القانوني جعلها تئن تحت وطأة الضغوط المالية التي تعاني منها اليوم.

وفي الوقت الراهن ما هي النصائح التي بإمكانك تقديمها لهذه القنوات؟

في ظل الوضع القائم يجب على القنوات المتبقية، الإهتمام أكثر بما تعرضه من إنتاج، من حيث إختيار تجهيزات عالية الدقة، وتكوين الصحفين على الأقل لغويا في العربية أولًا، وذلك بإستخدام جماليتها والبعد عن الجمل الطويلة والمفردات الصعبة التي لا يفهمها حتى العرب، اللغة العربية سلسلة وسهلة ممتنعة يجب تطويرها وفق احتياجاتنا الإعلامية، وليس من الضروري قول كل شيء أثناء تناول الأخبار والتقارير، فالتلفزيون هو ما قل ودل، وهو في النهاية إعلان عن الخبر فقط، أما التفاصيل فهي من إختصاص المواقع الإخبارية والجرائد، هذا الجهد لا يتطلب مبالغ كبيرة، كما يجب الإنفتاح على الإعلام الغربي خاصة الأميركي منه، فهو صانع الإعلام ومحتواه ووسائله، ولا يجب تركيز الإهتمام على الإعلام الفرنسي المحدود جدًا، وسيكتشف الصحفيون كنوز الإعلام الأميركي عندما يفهمون لغته، ويجب أيضا الإستفادة من الطاقات الشابة الرائعة والتي أرى أنها تعشق هذا المجال وهي قادرة على منحه الأفضل اذا ما وجدت من يتلقفها، عندكم كنز من الصحفيين إحتضنوهم وامنحوهم الفرص لأن المستقبل في الجزائر، والهجرة لم تعد فسحة لتحقيق الأحلام كما في السابق.

بما أنك تحضرين لدكتوراه في السوشل ميديا، كيف ترين واقع الإعلام في ظل التطور التكنولوجي الذي يشهده العالم؟
أولا أنا بصدد التحضير لأطروحة تتعلق بالتلفزيون، إلا أنني في طريق التحول إلى هذا المجال المذهل، من المؤكد أنه سيكون لي إهتمامات أخرى لاحقا في السوشيال ميديا أو الإعلام البديل الذى فرض منطقه و نفسه على الجميع، بل أصبح مهددا للوسائل الإعلامية القائمة حالياً، التي يتوجب عليها أن تساير هذا التحول بالبحث عن موقع داخل هذا الفضاء إن أرادت البقاء، وطبعا بصفتي صحفية وباحثة أكاديمية فالتعامل والتأقلم مع الوضع الحالي بات أكثر من ضرورة.

هل ندمتي يوما على إختيار الصحافة وعلى مغاردة أرض الوطن؟
الإعلام يسكنني وأنا أسكنه، ولا يمكن إلا أن أكون في هذا المجال، أحيانا الأشياء هي من تختارنا ولسنا نحن من نختارها، أما بخصوص هجرتي فلها طعمان مر وحلو، فأما مرها فيتمثل في فراق الأحبة والحنين الذي لا يخفت أو يتوقف نبضه.الهجرة قاسية ولا ترحم لينا . وأما حلوها: فقد علمتني كيف أتقبل الأجنبي وأتعايش معه وأحترم ثقافته ودينه، وصححت لي العديد من المفاهيم والمعتقدات، كما انها اجبرتني على الإعتماد على النفس وأحسنت ظني بالله وهذا هو الأهم.

في ظل انتشار كورونا كيف تقضي نوال الصافي يومياتها؟
اليوم البشرية تعيش حدثا غير مسبوق، بل حربا طرفها مجهول لا يرى بالعين المجردة، أمام هذا الظرف الاستثنائي نجد أنفسنا في قناة العربية وهو الأمر ذاته بالنسبة للزملاء في مهنة المتاعب وراء نقل تفاصيل الخبر ككل، القناة دائما كانت منبرا للإنسان لاغير في رصد آلامه و سماع أنينه و تقاسم لحظات النصر و الإبتهاج، اليوم علينا أن نقف مع البشرية جمعاء، فيروس كورونا جمد العالم، فرض السكون والخمول، بل أجبر أكثر من ثلاثة مليارات نسمة على المكوث بمنازلهم، لكننا في الإعلام رسالتنا لايجب أن تتعطل، لم تجبرنا الحروب على ذلك، ولن تجبربنا اليوم كورونا على ذلك، بالرغم من هذا الظرف واصل بعضنا إعداد التقارير من منزله، والبعض الآخر يذهب لمقر العمل من أجل نقل الصورة و المعلومة للمشاهدين، لكن في الأخير فقد أعطى هذا الوباء دروسا عظيمة للبشرية قد تجعلها لاحقا مضطرة لمراجعة قيم المجتمع التي غيرتها المادة وجشع الإنسان.

هل تفكر نوال اليوم في العودة والإستقرار بأرض الوطن بعد سنوات من الهجرة؟
الهجرة أو العودة تحكمهما عادة الأقدار …وكما ساقتنا هذه الأقدار نحو دبي، فلا أدري أين ستحملني غدا … ربما الى موطني او مكان اخر متى شاءت.

كلمة أخيرة تودين إضافتها؟
أتمنى السلامة للجميع، وربنا يرفع عنا هذا البلاء في هذه الأيام المباركة ونقول للقراء ابقوا في بيوتكم تصحوا …واصبروا ان الصبر من عزم الامور

Cliquez pour commenter
Quitter la version mobile