Médias

فوزي بن جامع: المال الوسخ أثر بالسلب على وسائل الإعلام الجزائرية

Publié

le

في حوار هذا اليوم، سيتعرف القراء على الصحفي الجزائري الذي تمكن منذ ثلاث سنوات خلت من الفوز بالمرتبة الأولى في جائزة التميز الصحفي للإتحاد الأوروبي، المخصصة للمواضيع المتعلقة بالهجرة في المنطقة، هو صحفي شاب تمكن بفضل اجتهاده ومثابرته من الوصول إلى قاعة تحرير إحدى أفضل القنوات العالمية، وذلك بعد خوضه للعديد من التجارب داخليا وخارجيا.

بداية هل لك أن تعرف القراء بفوزي بن جامع ؟
السلام عليكم وأشكركم على هذه الإلتفاتة،
فوزي بن جامع صحفي جزائري من مواليد مدينة القل بولاية سكيكدة شرق الجزائر، متحصل على شهادة ليسانس في الإعلام والإتصال، تخصص سمعي بصري بجامعة باجي مختار بولاية عنابة سنة 2008.

كيف كانت بداياتك مع الإعلام؟
البداية كانت عن طريق العمل في تنشيط التظاهرات والمهرجانات الثقافية والإجتماعية بولاية سكيكدة، وذلك بالموازات مع دراستي الجامعية، على غرار مهرجان سكيكدة للإنشاد الدولي، بالإضافة إلى عملي كمراسل صحفي لجريدة آخر ساعة بمدينة عنابة.

ومتى كانت الإنطلاقة الفعلية مع مهنة المتاعب؟
بعد أن أنهيت مسيرتي الدراسية أتيحت لي الفرصة لخوض العديد من الدورات التكوينية خارج أرض الوطن، البداية كانت من مملكة البحرين عام 2008 وبعدها في قطر عام 2009، أين شاركت في دورة تدريبية لمدة شهر ونصف في قناة الجزيرة الوثائقية، وبعدها دخلت غرفة أخبار قناة الجزيرة الإخبارية كمتدرب في قسم الأخبار، وهو ما منحني تأشيرة عبور سريعة للتعمق أكثر في مهنة الصحافة، وفتحت لي الأبواب لولوج بعض وسائل الإعلام الجزائرية..

ماذا عن العمل مع القنوات الجزائرية؟
بعد خوضي للعديد من الدورات التدريبية كانت لي الفرصة سنة 2012 لأكون من بين أوائل الصحفيين الذين إلتحقوا بقناة الشروق قبل إنطلاقها، أين عملت بالقناة لمدة قاربت السنة والنصف، قبل أن أقرر بعدها تغيير الأجواء لألتحق بقناة « دزاير تيفي » من أجل تقديم الأخبار الرياضية، وبعد أن تم تأسيس قناة دزاير نيوز سنة 2014، انتقلت إليها في منصب مسؤول للقسم الرياضي ومذيع للأخبار الرياضية في آن واحد.

ومتى إلتحق فوزي بقناة البي بي سي؟؟
عام 2015 أجريت اختبارا عبر السكايب لمدة ساعة كاملة، وبعدها بأسبوع تم إعلامي بنجاحي، لأمضيّ عقدا مع قناة « بي بي سي » ، كمراسل لبرنامج «بي بي سي إكسترا » من الجزائر وأوروبا، وقد دامت هذه التجربة لمدة عامين كاملين، تمكنت خلالها من إعداد الكثير من المواد الصحفية، فيما قطفت الثمار مع مؤسسة بي بي سي بعد فوزي بجائزة التميز الصحفي حول مواضيع الهجرة للإتحاد الأوروبي، من خلال الموضوع الذي أعددته حول معاناة عائلات المهاجرين الغير الشرعيين في الجزائر وأوروبا، هذا الفوز جاء بفضل التشجيع والرعاية التي وجدتها من قبل الفريق العامل في البرنامج ورئيسة التحرير آنذاك السودانية « رشا كشان »، والتي بالرغم من أنها كفيفة إلا أنّها كانت في مقام القائدة وليس المسؤولة، فحباها الله البصيرة عوضا عن البصر.

ما الفرق بين العمل كمراسل لقناة أجنبية والعمل كصحفي بقناة جزائرية؟؟
الفرق بين الإثنين يكمن في العديد من الجوانب، ففي القناة الأجنبية وقبل توظيفك تبحث القناة عن صحفي يملك الخبرة اللازمة في المجال، ويقدم له عقد إحترافي واضح بأجرة شهرية مغرية، مع تقديم عمل منظم ومكثف من قبل المراسل، عكس ما هو معمول به بالكثير من القنوات الجزائرية التي يغيب بها كل ما ذكرت سابقا.


بحسب رأيك لماذا في كل مرة يجد المراسل الصحفي صعوبة كبيرة في الحصول على الإعتماد ؟
كلامك صحيح فقد حدث الأمر معي أثناء عملي كمراسل لقناة « بي بي سي »، أين راسلت السلطات المعنية من أجل الحصول على الإعتماد، إلا انني لم أتلقى أي رد على طلبي، لا بالسلب ولا بالإيجاب، بسبب التحفظ الموجود حول وسائل الإعلام الأجنبية.

وبعد البي بي سي أين كانت الوجهة؟؟

بعد بيئة العمل الجيدة التي وجدتها بقناة « بي بي سي »، التي وفّرت لي كل ظروف النجاح والتألق، قرّرت خوض تجربة جديدة بقناة فرانس 24 في باريس، حيث حاولت الإلتحاق بها مرارا وتكرارا لكنني فشلت في ذلك، ليتم الأمر عام 2017، البداية كانت عبر إجراء دورة تدريبية لمدة أسبوع، تعلمت من خلالها التعامل مع برامج العمل الخاصة بالتركيب، الميكساج وتسجيل الصوت، ومن ثم تمّ وضعي مع صحفيين آخرين لمدة ثلاثة أسابيع، للتعلّم عبر الملاحظة والتواصل مع من سبقوني في العمل هناك، والتعرف أكثر على أساليب العمل بالقناة، وعندما أصبحت جاهزا للعمل بشكل فردي، بدأت مغامرتي هناك..

حاليا مع الانتشار الرهيب لفيروس كورونا وإعلان الحجر الصحي الكامل بفرنسا، كيف تتعامل مع هذا الوضع؟
كما يعلم الجميع، فرنسا حاليا تعيش الحجر الصحي الإجباري، ولا يمكن للشخص الخروج إلا للضرورة، لكننا كصحفيين لازلنا نقوم بعملنا بصفة عادية، من خلال إظهار الوثيقة الخاصة بالصحفيين التي منحتنا إياها إدارة القناة، والتي تسمح لنا بالتنقل بحرية، بالرغم من انخفاض وتيرة العمل، هذا الأمر سمح لي بالبقاء بالمنزل والتكيف مع هذه الظروف.

وماذا عن بعدك عن العائلة في هذا الوقت الحساس؟
أصبت الهدف بهذا السؤال، خصوصا وأني من الأشخاص الذي تعودوا على زيارة الجزائر من أربع إلى خمس مرات في السنة، إلا أنني وللأسف مع غلق المطارات فقد اضطررت للبقاء بفرنسا، وبالتالي فأنا اعوض شوقي لعائلتي بالحديث معهم عن طريق مواقع التواصل الإجتماعي في انتظار زوال هذه المحنة لزيارة وطني.

ما هي الأمور التي وجدتها بالقنوات الأجنبية ولم تجدها خلال مرورك بالقنوات الجزائرية؟؟
في القنوات الأجنبية ستجد التنظيم والمعاملة الجيدة من طاقم العمل المحترف، مما يخلق لك جوا من الراحة والطمأنينة، وسأعطيك مثال بقناة فرانس 24، والتي منذ إلتحاقي بها لم أجد اي تعتيم من حيث تقديم المواضيع، على عكس ما يروج له، ولم يسبق أن تدخل أي مسؤول في عمل الصحفي، فنحن نعمل بحرية كبيرة بخصوص التقارير والأخبار من دون المساس بالأشخاص والدول، عن طريق نقل الخبر من دون زيادة ولا نقصان.

ماذا عن الجزائر ؟؟
في الجزائر وخلال إنتقالي إلى العاصمة، لم يضمن لي عملي في القنوات الجزائرية أن أقود عجلة مستقبلي نحو الأمام بالشكل الصحيح، أن أكسب منزلا وسيارة على الأقل لأكون مرتاحا في عملي، وهذا بسبب الرواتب الزهيدة، ما اضطرني إلى تقاسم تكاليف كراء المنزل مع بعض الزملاء، ولكن بفضل تلك التضحيات وصلت إلى ما انا عليه اليوم وأنا في بداية مشواري، فقطاع السمعي البصري في الجزائر أفسده قليلا المال الوسخ، ونخر جسده، مبنى ومعنى، لأنّه تغلغل بقوة داخل جسد المؤسسات الإعلامية، لا يفرّق كثيرون في الجزائر بين الخبرة وبين الأقدمية في العمل، بالإضافة إلى التضييق الذي تفرضه السلطة، مما يصعب من طبيعة العمل المهني، إلا انه حاليا قد ظهر جيل مميز من الصحفيين الشباب الذين قد يجعلون من واقع الإعلام في الجزائر أكثر مهنية وأكثر عمقا في الطرح، مع أملي أن يزول عهد التوظيف بالهاتف، ممن لا تحبهم الصحافة، لا الكاميرا ولا الميكروفونات.



ماذا قدمت الصحافة لك؟؟
صراحة قدمت لي الصحافة الكثير من الأشياء على الصعيدين المهني والإنساني، فبالرغم من أنها باعدت بيني وبين عائلتي ومنزلي، إلا أنها منحتني الفرصة لمساعدة الناس ممن أعرف وممن لا أعرف، كما أنها طورت الكثير من الأشياء فيا، وأرضت بعض الطموح الذي كنت اتمناه مع أنني لازلت أطمح للكثير.

ما هي النصيحة التي يمكن أن تقدمها اليوم للصحفيين الجدد؟
بالرغم من أنني لست أهلا لتقديم النصيحة للصحفيين الجدد، بما أنني لازلت شابا في بداية مسيرته المهنية، إلا أنني أنصحهم بعدم تسقيف طموحاتهم، لأنه بإمكان الصحفي العمل بأي قناة عالمية عن طريق العمل، المثابرة والتضحية.

ذكرى بقيت راسخة بذهنك؟

يوم وفاة والدتي رحمها الله، السادس من شهر جوان 2019، كان يوما صعبا وطويلا، أشتاق فعلا إليها وإلى الجلوس معها، كما أنني غير مصدّق بعد أنها رحلت من دون عودة.

.

كلمة اخيرة؟
أشكركم على هذه الفسحة وعلى هذه النافذة من الجزائر، التي سمحتم لي من خلالها بأن أشارك القراء مسيرتي المتواضعة، وبالتالي فتحية متجددة لكم وللأهل والأحبة بالجزائر الجديد.

Cliquez pour commenter
Quitter la version mobile