Lettre de Paris
مايا زروقي : أحيي استقالة زميلتي مريم عبدو ولا إعلام حقيقي دون رد الإعتبار للمواطن
قصة نجاح الإعلامية مايا زروقي بن ديمراد رمزية على أكثر من صعيد. ووجودها اليوم على رأس مؤسسة تشرف على الإتصال في بلد حديث العهد مع تقنياته يعد عصارة خبرة مهنية مرادفة لنموذج مشرف وجدير بالإحتذاء. كان بإمكان السيدة الجميلة أن تكتفي بإطلالة تلفزيونية كانت أهلا لها لتحصد إعجاب المسؤولين والمشاهدين والمهنيين العارفين بقدرتها المهنية وليس بوجهها المنير فقط
ولأن المرأة فولاذية العزيمة والطموح وخريجة معدن من نوع مهني خاص، لم تقتنع السيدة مايا بشهرتها الإذاعية والتلفزيونية، وراحت تتخطى الصعاب وتقتحم المجهول في ميدان مهني اصبح يغري الكثير من الدخلاء الساعين إلى الكسب السريع تجسيدا لمرحلة مازالت الرداءة عنوان الكثير من عناوينه العديدة.
في ركن » حوار إكسبرس » يتعرف قراء » ميديا ديزاد » على عمق ومضمون الوجه الصبوح
ّ حدثيني في البداية عن انطلاقتك المهنية وتطور مسارها في عز العشرية السوداء ؟
أنا من الجيل الصحفي الذي دخل معترك الصحافة في مطلع التسعينيات قبل اندلاع حرب الإخوة الإعداء، وشرعت انطلاقا من عام 1991 في تجسيد طموحي وأنا طالبة في الإتصال. وكما تلاحظ لم تكن الفترة تساعد على معانقة مهنة راحت ضحية العشرية السوداء بامتياز. رغم النار والدم والدموع، كانت الفترة مصدر عبر وتجربة ودروس على كافة الأصعدة وعلى الصعيد المهني بطبيعة الحال
ّلماذا اختارت مايا زروقي الإذاعة وليس وسيلة إعلامية آخرى ؟
الإذاعة داعبتني وسحرتني في سن مبكرة وكنت من معجبيها ومستمعيها الأوفياء، وأحب فيها الجانب السمعي الذي يدفع حتما إلى تخيل حركية حرة وساحرة مشرعة على أكثر من قراءة سميولوجية خفية. كنت أراجع دروسي واقوم باشغالي الخاصة واقود السيارة مستمعة للإذاعة، وبهذه الطريقة نكتشف قوة هذا الميديا الذي لا يقدر بثمن إذا استندنا إلى تأثيره السمعي مقارنة بمشاهدة التلفزيون المؤثر على الجهاز العصبي، ويؤسفني أن لا نعطي القيمة الكافية للإذاعة
ّكثيرون ينتقلون إلى التلفزيون بعد تجربة إذاعية قصيرة أو طويلة جريا وراء شهرة الصورة التي يبدو أنها لا تهمك كما فهمت رغم ان جمالك يدفع إلى ذلك وهو الجمال الذي يتعايش بامتياز مع الكفاءة المهنية ، ولنا في عدة أمثلة عربية وأجنبية نموذجا لذلك (حتى لا يغضب نجوم التلفزيون في الجزائر أنبه إلى انني لم ادخل الجزائريين لأنني لا أعيش في الجزائر ولا ألتقط الكثير من القنوات الجزائرية). حدسي يقول انك مجنونة راديو بالفطرة ..ما تعليقك ؟
تضحك قبل أن تجيب : » نعم هذا صحيح ولكن جنوني يعتبر جنونا مؤسسا من منظور تحليلي لقوة تأثير الإذاعة كما اسلفت الذكر .بعد شكري لك على الإطراء، أضيف أنني انتقلت إلى قناة « كانال ألجيري » (الجيريان تي في) عند انطلاقتها عام 1997 تحت إشراف المهني الكبير سليم سعدون. مع زملاء من القناة الإذاعية الثالثة … قمنا بتجربة غنية ورائعة، ورغم الجو المهني والأخوي، شعرت بحاجتي الملحة إلى الميكرو الذي يسمح لي بتبادل الحديث الساحر مباشرة مع المستمعين. أحب التلفزيون ضيفة عليه لأتحدث عن نشاطاتي والمشاركة في النقاشات المختلفة
ّأنا اشتغلت لفترة في القناة الأولى مقدما برامج ثقافية عدة كما تعرفين، ولمست خلال عملي نوعا من التوجس والأفكار المسبقة في الوسط الفرنكفوني عن الصحفيين الإذاعيين المعربين بوجه عام رغم مهنية الكثير منهم. هل تشاطرني مايا زروقي الرأي أم هو مجرد هوس صحفي معقد كما يقول البعض ؟
أنا ضد هذه الفكرة الخاطئة والخطيرة التي تعتبر نتيجة لامتداد إستعماري عنصري. لقد تجاوزنا قضية اللغة، وكثيرة هي الأسماء الإذاعية المعربة التي صنعت مجد الإذاعة بمهنية كبيرة
ّ ما هي نظرة مايا زروقي للواقع الإعلامي الحالي بوجه عام والإذاعي بوجه خاص ؟
أراقب التجربة بفضول واهتمام وروح مسامحة في غياب قواعد وأخلاقيات المهنة عند الكثيرين. ورغم النقائص هناك الكثير من الطاقات الواعدة التي هي في حاجة إلى تكوين أكبر وأقوى سواء تعلق الأمر بالصحفيين أو المسؤولين عن التحرير
ّأنت اليوم على رأس مؤسسة » بندينت ورك « . ما هو دورها ؟
إنها مؤسسة تعنى بالإستشارة والمرافقة في مجال استراتيجية ميديا الإتصال، وأحاول من خلال استثمار خبرتي لتوجيه أو لإعادة توجيه كل مؤسسة تهدف إلى تحسين الأداء في المجال المذكور. لقد رافقت مع زملائي العديد من أصحاب المشاريع الثقافية كلقاء الجزائر حول جسر الجزائر إعتمادا على تكوين يقوم على تنمية الذكاء الذهني الذي يسمح بالتكوين الذاتي للأشخاص الطموحين للنجاح، وشمل عملنا المجال الرياضي من خلال مرافقة الفيدرالية الجزائرية لرياضة الرجبي. طموحاتنا غير محدودة وشعارنا هو « كن ميديا نفسك« . وعليه يمكن القول أن كل مؤسسة بقدرتها على صنع طريقة الإتصال الخاصة بها عبر قنوات جديدة
ّ كلمة أخيرة تشكل ربما هاجسا خاصا في مساركم …
هاجسي الدائم هو تحسين الأداء المهني في مجال عملنا ومرافقة اصحابه لكي نتطور ونتقدم في ظل تأخر كبير. الويب بديل جيد لكنه لا يعبر عن الحاجة المطلوبة. وعليه علينا أن نجسد الواقع الجزائري ونغوص فيه بوسائله الإعلامية العمومية والخاصة الجديرة بالمعنى الشامل الذي تفرضه المهنة في كل الحالات
ّ أخيرا ما هو تعليقك على استقالة زميلتك الإذاعية مريم عبدو التي كانت رئيسة تحرير في القناة الثالثة التي اشتهرت فيها وذلك إثر احتجاجها على عدم تغطية المظاهرات السلمية التي عرفتها الجزائر ؟
أحيي موقف الزميلة عبدو التي ضحت بمنصبها وببرنامجها الإذاعي واستقالتها امتداد لانسحابات مماثلة عرفتها وسائل إعلامية أخرى وأعتقد ان كانت تنتظر هذا المصير قبل اندلاع الإنتفاضة السلمية. تلقيها المساندة المطلقة من زملائها في كل القطاعت الإعلامية تثبت صحة وسلامة الرياح التي تهب في مجالنا المهني في إطار وضع عام. لقد سبق وأن قلت أننا تجاوزنا مرحلة السبعينيات والأنترنت أحدث ثورة غير مسبوقة في ساحة الإتصال. وعلى وسائل الإعلام إعادة النظر في خريطة الطريق المهنية لاحترام المتلقي في إطار مواطنة حقيقية