Médias
حرية الصحافة في الجزائر بين تطمينات الحكومة وآراء أهل المهنة
تحتفل الجزائر اليوم مع سائر دول العالم باليوم العالمي لحرية الصحافة، المصادف للثالث ماي من كل سنة، وهو يوم حددته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة « اليونسكو »، لتحيي من خلاله ذكرى اعتماد إعلان « ويندهوك » التاريخي الذى تم فى اجتماع للصحفيين الأفارقة فى 3 ماي عام 1991.
وتخصص الأمم المتحدة هذا اليوم للإحتفاء بالمبادئ الأساسية للإعلام، وتقيييم حال الصحافة فى العالم، وتعريف الجماهير بإنتهاكات حق الحرية فى التعبير، والتذكير بعديد من الصحفيين الذين واجهوا الموت أو السجن فى سبيل القيام بمهماتهم فى تزويد وسائل الإعلام بالأخبار الصادقة، حيث إختلفت آراء الصحفيين في الجزائر بين من يرى بأن مهنة المتاعب تعيش في حيز معقول من الحرية وبين من يرى انها تعيش اليوم حالات كارثية لم تعشها حتى إبان العشرية السوداء.
ويرى الصُحفي « سامي سي يوسف » أن الإحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة هذه السنة جريمة في حق المهنة، وخيانة في حق الزملاء، حيث قال انه من غير المعقول ان نحتفل بيوم يكرس حقوق الصحفي والمؤسسات الإعلامية في العمل بكل حرية وشفافية بينما تقمع الصحافة ويسجن الصحفي وتصادر الأعمال الإعلامية، مستشهدا بما حدث من إعتقالات في حق كل من « خالد درارني، سفيان مراكشي، بلقاسم جير » الذين يواجهون مصيرا مجهولا في غياهب السجون.
كما أضاف ذات المتحدث ان ما تعيشه الصحافة الجزائرية منذ سنتين لم تعشه المهنة خلال سنوات الأحادية الحزبية ولا خلال فترة الإرهاب ولا حتى خلال الحقبة الاستعمارية، وأن الكل ينسى ان الثالث من ماي هو احتفالية مزدوجة بين اليوم العالمي لحرية الصحافة واليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، وفي بلادنا قتل الصحفي « محمد تمالت » في زنزانته بدون ان تفتح العدالة أي تحقيق ، واليوم نعيش مصادرة الكلمة بغلق إذاعة راديو أم وحجب العشرات من المواقع الإلكترونية، لأنها تقوم بعملها في نقل الأخبار التي تزعج الجهاز التنفيذي ، مما يجعلني أؤجل الاحتفال بهذا اليوم إلى غاية ان تتحرر الصحافة كليا.
ومن جهة اخرى اعتبر رئيس تحرير جريدة الجزائر « إسلام كعبش » أنه من الصعب جدا أن نقيم واقع حرية الصحافة التي تعرف تباينا في التقييم الذاتي كل مرة، وكذلك في ظل تغييرات سياسية ومهنية متدرجة ومتسارعة في آن واحد، حيث أننا نشهد في ظل نظام سياسي يعيد التشكل وفق خارطة سياسية جديدة بعد حراك شعبي وتشكيل حكومة جديدة أن السلطة اليوم تبحث عن تنظيم المهنة أكثر وتأطيرها، وهذا الأمر خلق الكثير من النقاش وسط رجال المهنة بين مؤيد ومعارض للخطوة، خاصة أن قطاع الإعلام أصبح لديه مكانة أساسية على المشهد كما أنه فرض نفسه كقوة مضادة مما دفع الجهاز التنفيذي للعمل على إعادة هيكلة له وفق تصور المرحلة، بوضع ورشات للإصلاح معروضة أمام أصحاب المهنة.
نحن في ظل إعادة تشكيل منظومة إعلامية،
كما اعتبر إسلام أن المنظومة تساير التحولات التكنولوجية والعلمية والتشريعية،و من الواضح اليوم أن عملية بناء قطاع الإعلام وفق رؤية جديدة يتبناها المهنيون أصبحت ضرورة قصوى للتخلي عن رواسب المنظومة السابقة، التي عملت كل ما بوسعها على تهميش الإعلام والصحافة وجعلهما في خدمة المال الفاسد.
أعتقد أننا في مرحلة أولى من عملية تغيير متدرج، وهي مرحلة فرز بـ »الغربال » ستسمح في النهاية على الأقل بترك الساحة الوطنية أمام عناوين قادرة على المنافسة وبعدها سيكون لكل مقام مقال، كما يقول المثل العربي.
وبالرغم من التطمينات التي أطلقها رئيس الجمهورية خلال آخر لقاء له مع مدراء بعض وسائل الإعلام الوطنية بخصوص حرية الصحافة في الجزائر، وأن كل الصحفيين الذين سجنوا قد ثبت تورطهم في قضايا تتعلق بخيانة الوطنة، تبقى حرية الإعلام في الجزائر تتصارع من أجل الوصول إلى بر الأمان او الوصول على الاقل إلى ما بلغته الجارة تونس صاحبة المرتبة الأولى عالميا في مجال حرية الصحافة.